الوجة الآخر من عُملة ريادة الأعمال
أكثر الذين يعانون هم هؤلاء الذين يسعون لكسر الصورة النمطية و الخروج عن المألوف و المجازفة، مثل رائدي و رائدات الأعمال، الذين يضعون أمامهم أهدافاً تتطلب منهم تسخير كل وقتهم وصحتهم النفسية في سبيل تحقيق تلك الأهداف و الأحلام.
إن لم تعرفني بعد..، فأنا منار المؤسسة و المديرة التنفيذية لدار ضاد للنشر ” ضاد للكتب الصوتية “. ننشر الكتب و غير ذلك كمحتوى صوتي رائع و يتم بيعه عن طريق تطبيقنا او شركاؤنا حول العالم
فازدهار الشركات ونموها وحده أمر مليء بالتحديات، ناهيك أن يكون في بيئة يعد فيها مفهوم ريادة الأعمال مفهوم مستحدث إلى حد ما هو تحدٍ كبير، وكوني واحدة من رائدات ورواد الأعمال أعمال في بيئة مليئة بالعراقيل و التحديات، اقتضى مني عملي تقديم الكثير من التنازلات والمساومات على الصعيد الشخصي لأجل الشركة والأهم هو أن لا أفقد ثقتي بنفسي فأنا أدين لها بأن أظهر بمظهر المرأة القائدة القوية التي على استعداد أن تعمل حتى في إجازة شهر العسل.
فأنا أتذكر تماما صباح اليوم التالي لحفل زفافي و اتجاهي للعمل والاجتماعات التي بدأت في تمام الساعة ٨ صباحاً. أتذكره و كأنه الأمس و أتذكر نفسي و أنا أذكرها بأن الغد قادم، والمستقبل مشرق، و “فترة و تعدي”. اتذكر اجازة شهر العسل التي كانت من المفترض أن تكون قصة عني أنا و زوجي .. و لكنها كانت مليئة بمواعيد التسليم و الاستلامات والاجتماعات.
لا تسئ فهمي ..، فأنا لا أندم ولا قطرة على كل ذلك، و أحمد الله بأن زوجي من أكبر الداعمين لي منذ ذلك اليوم، ولكن ..
الأغلب لا يعلم شيئاً عما يحدث خلف كواليس عالم ريادة الأعمال، فهذا العالم ليس وردياً ومليئاً بأقواس قزح، هو بلا شك فرصة عظيمة للاستثمار الوقت والجهد ويساهم في بناء شخصية قوية لا شك.
ولكن هناك جانب مظلم من هذا العالم.. أعترف بأنني أعشق العمل وأكرس معظم وقتي لبناء الشركة اصبح هذا هو كل شيء استيقظ له كل صباح. فبعد توفيق الله و اجتهادي في العمل أصبحت الشركة أكثر نمواً و حصدت الكثير من الجوائز. و لهذا دعيت لأكثر من محفل للتحدث عن الجانب المشرق من ريادة الأعمال وتحفيز الجيل الجديد على خوض نفس المسار، لا أخفي عليكم إنه مليءٌ بالمخاطر، ولقد دخلت لهذا العالم و انا على علم كافي بالتحديات والصراعات التي سأواجهها .. و لكن ما كان ينقصني هو ان اعرف ان هناك صراعات وتحديات اكبر واشد مخاطرة، فالمخاطرة هنا ليست مخاطرة أموال أو وظيفة وهي ليست أسوء ما يمكن أن يواجهني.
فالوحدة – القلق – الأرق – صحتي النفسية و الذهنية بشكل عام هو أكبر مخاطرة خاطرت بها
فعلى الصعيد الشخصي ..، عالمياً يواجه رواد الأعمال من الجنسين صراعات نفسية كبيرة و هذا امر ليس بجديد ولكننا لا نتحدث عنه، فبغياب الـ support system وهشاشة المنظومة في منطقتنا أصبحت أكبر مخاطرة قد نواجهها اليوم هي المخاطرة النفسية. الضغوطات الاجتماعية و المهنية التي تفرض على الظهور بصورة معينة لا غيرها وتابو الفشل التوقعات المتزايدة اجبرتني ان تصبح علاقاتي جميعها مبنية على علاقات في إطار العمل فقط، وبذلك فقد أصبحت حياتي الاجتماعية شبه معدومة. ففي أغلب الأوقات أجد نفسي أقف وحيدة على أطلال الحزن و القلق و الإكتئاب بدون الصديق/ة لاشاركه هواجسي ومخاوفي لأتحرر منها على الأقل.
انعدمت أوقات راحتي و بالكاد توفر لي الوقت الخاص للاهتمام بنفسي و الاعتناء بصحتي النفسية لأنني كنت دائما في عجلة من أمري مشغولة بتوقيع الاتفاقيات والتحضير للاجتماعات مع أشخاص من بقع مختلف في العالم بتوقيت زمني مختلف تماماً.
بالنسبة لي و لكثير من رواد الأعمال مهما حاولنا .. فليس هناك أوقات عمل محددة فهي في كل يوم و في كل و أي ساعة. ومن الصعب بل من المستحيل خصوصاً في البدايات أن نتحدث عن ” الموازنة بين العمل والحياة الخاصة والإجتماعية ” فالحاسوب والهاتف لا و لن يُفرق بيننا و بينهم مهما كانت إجازاتنا طويلة، فترانا نُخصص ساعات يومية للعمل أينما كُنا. فالحياة في عالمي مليئة بالاجتماعات وكتابة التقارير ومواعيد التسليم التي يجب أن ألتزم بها.
بالنسبة لي اسخر يومياً ٦ ساعات للعمل سواء كانت متصلة او متفرقة، تخيلوا الان كمية الضغط النفسي و تأنيب الضمير الذي اشعر به، خصوصاً و ان هناك من يحتاج حضوري و كامل انتباهي واهتمامي في تلك اللحظات .. زوجي الحبيب .. اظن انه من شعب ” الى الجنة بغير حساب بإذن الله ” من كثر ما واجه من الإهمال مني و تغيير نمط حياتنا باستمرار بسبب طبيعة عملي.
“لماذا تحمل هذه الجبال التي لم يُطلب منك إلا تسلُقها؟”
توقفت كثيراً عند هذه العبارة و فكرت بالطريقة التي أعيش بها حياتي، أو بتعبيرٍ أصح، لا أعيش بها حياتي، لماذا لست بارةً بنفسي و روحي؟ فالعالم يدور بسرعة، و أحياناً تتخطاني اللحظات بل لا أراها أصلاً، لذلك أرهق نفسي بالتفكير في المستقبل والتخطيط له، فأنا أراهن على قائمة أهداف طويلة..
اوه ..، لنتحدث قليلا عن المُراهنة التي أصبحت أسلوب حياة بغيض يعتمد عليها المستقبل، ههه دقيقة ليس مستقبلي وحدي .. بل مستقبل عائلتي كاملة. أصبحت أمتهن و أدمن المراهنة حتى على كل شيء يربطني بهم .. آآآآآه كم هذا مؤلم.
لا تسيء فهمي للمرة الثانية .. نعم كل تلك الصراعات والضغوطات جزء من الرحلة، كرحلتي في البحث عن مُعالج نفسي كل يوم و كما أسلفت سابقاً جزء من المخاطرة كذلك. ولكني يبدو و كأنني أدمنت العمل لأكثر من 15 ساعة يومياً
و أنسى أحياناً بأني لست آلة، أنَ روحي تتضور جوعاً للهدوء و الاستمتاع بالحياة. كنت أعتقد الاستمتاع منوطٌ بمرحلة عمرية معينة، فتراني أختار الانكفاء على انجازِ أعمالي كأني مطاردة، كأن هناك جائزة لأكثر شخصاً يُحدثُ ثقوباً في روحه بسبب إدمان العمل.أكتب اليوم لأنني عانيت من هذه المرحلة التي وصلت لها دون أن أعلم. لأُبلغكم أن الإحتراق الوظيفي او ما يُسمى بالـ Burnout هو مرض حقيقي وقد تم تصنيفه كذلك من منظمة الصحة العالمية عام ٢٠١٩. لذلك لا تستهين بالأمر أبداً.
هنا سأسطر لكم بعض مما ساعدني على النهوض كل يوم وخوض المعارك بشجاعة.
- الطبيعة: تحمل في طياتها سهول وهضاب وصحاري شاسعة التي تسع الأشخاص المقبلين بهمومهم لتأخذهم أشباحاً وتغمسهم في أنهارها المقدسة فيولدون من حالة الانطفاء كالعنقاء تماماً.
بيل جيتس صاحب شركة مايكروسوفت يفضل قضاء بعض الوقت في الطبيعة بعيداً عن ضوضاء العمل. ويؤكد بأن هذه من أنجح الطرق للإتيان بأكثر الأفكار لمعاناً و فعالية. في الحقيقة، الطبيعة هي المضاد الحيوي الأكثر نجاحًا ضد الإرهاق و الإجهاد.
- ممارسة التمارين الرياضية: وتخصيص وقت التزم به بشكل يومي لقضائه مع نفسي و تلك الأدوات التي تعمل على تفتيت كل حبة غضب و ألم جسدي اشعر به تلك اللحظة هو خير سبيل للتخفيف من حدة التوتر وضغط العمل.
- البستنة: قد تتواجد الحلول أمام عينيك و عليك فقط أن تبحث عن نشاط ممتع لتمارسه مثل البستنة و الاعتناء بالأزهار و سقايتها، فهذا النشاط يجعلك تقضي أكبر وقت ممكن بعيداً عن العالم الافتراضي.
- الحيوانات الأليفة: أظهرت الدراسات بأن من يمتلكون حيواناً أليفاً تظهر عليهم أعراض القلق و ضغط العمل بنسب أقل، فتربية الحيوانات الأليفة فرصة ممتازة للانشغال قليلاً والاستمتاع واللعب معها.
لماذا أعمل ليل نهار وحتى في أيام اجازتي؟
سوق العمل الشرس:
يمكن أن تشكل المنافسة سببًا كبيرًا للتوتر في مجال ريادة الأعمال.فإن الضغط من القلق ينشأ بقلق بشأن المنافسين في السوق. و في حال أنك دخلت سوقاً مشبعاً مسبقاً بمنتج معين، فهذا سيزيده حدة و أثراً أضعافاً مضاعفة، لأنك ستبقى دائماً متيقظ تحاول الاتيان بأفكار جديدة تميز منتجك.
من المهم إدراك أنه لا يمكنك التحكم في ما يفعله المنافسين ، ولكن يمكنك على الأقل مراقبة تقدمهم. لذلك و إن كنت الشخص الغير مناسب لنصيحتك بذلك، ولكن تابع منافسيك بحذر أولاً بأول حتى تتمكن من تقليل المخاوف.
الهواجس المالية:
إذا كانت شركتك هي مصدر رزقك الوحيد فمن الطبيعي أن تعتمد عليها اعتماداً كلياً من الناحية المالية، و قد يصبح هذا مؤرقاً في كثير من الأحيان. فالكثير من الرياديين يقلقون بشأن موضوع الاستثمارات والتمويل و القلق المستمر.
لدي الكثير من العمل لإنجازه:
قد يجد رائدي الأعمال أنفسهم غارقين في أكوام لا متناهية من العمل. فلا نكون رحيمين بأنفسنا و مشفقين عليها ونختار كمية العمل الملائمة وألا نحمل أنفسنا فوق طاقتها. تلك الكمية الزائدة من العمل لن تنجز بأفضل طريقة تراها اليوم و غدًا ستضطر لإعادة العمل وبذلك فقد ” دبلت ” جهدك و وقتك و الكثير من الأرق و القلق.
ليس هذا فحسب فالقائمة ستطول و كذلك المقال إن اسهبت في الكتابة أكثر .. فالمهم هنا هو ان لا تتغافل عن مضار انهاك نفسك و الآثار السلبية التي تعود على صحتك النفسية، الجسدية و الاجتماعية أيضاً و ليس ما أمر به اليوم.
تستطيع ان تدعمني و تدعم مشروعي بتحميل التطبيق والاشتراك في ضاد .. صدقني بغض النظر عن دعمنا .. فأنت ستجد متعتك و فائدتك مع ضاد .. ووقتك لن يضيع بل ستستثمره
تريد أن تدعم ضاد أكثر؟
- هناك أكثر من طريقة لذلك و في التالي سأذكرها لك بإختصار.
- بإمكانك شراء حزمة عائلية من الاشتراكات لك و لعائلتك ” ٤ حسابات بإشتراك سنوي ” بسعر ٥٠٠ ريال من هنا
- بإمكانك شراء حسابات كهدايا لمن تحب من هنا
- بإمكانك رعاية ترجمة او تسجيل أحد الكتب من هنا
و إن كنت أحد المستثمرين فبإمكانك التواصل معي مباشرة للإستثمار في ضاد اضغط هنا فقط
او تواصل معي عبر البريد الالكتروني
manar@dhad.sa
1 thoughts on “الوجة الآخر من عُملة ريادة الأعمال ”
تم غلق التعليقات
كان الله في عونك
ما أقولك إلا دعاء دائما تدعي لي الوالده فيه
الله يجعل رزقك صباً صبا ولا يجعله كداً نكدا
الحياة الاسرية تستحق منك أكثر و أكثر
وشكرا