تأثير الطبيعة الخضراء على العقل والروح
في هذا المقال أعزائي الأصدقاء سنحكي عن كتاب مهم جدًا، وهو كتاب “the nature fix” أو “العلاج بالطبيعة” للكاتبة فلورينس ويليامز وهي صحفية ومؤلفة أمريكية تتبعت الكثير من الأبحاث الدولية حول العالم، واللي من هذه الأبحاث استخلصت أهم المعلومات والتجارب اللي بتأكد مدى تأثير الطبيعة والنباتات والأشجار على العقل الآدمي، وكيف حسب تعبيرها – إن العقل يفكر بهدوء سريع.
طفولة فلورينس وتعلقها بالطبيعة
حكت فلورينس عن نفسها أن عاشت طفولتها في ضواحي ولاية فرجينيا اللي وصفتها بأنها كثيفة الغابات والأماكن الطبيعية والخضرة.
لكن مع الوقت ولظروف عملها اضطرت أنها تنتقل إلى نيويورك. وعلى مدار 12 سنة كانت بتعاني من عدم وجود أماكن طبيعية بل على العكس كانت بتعاني من اكتئاب وزحام شديد في حياتها ومزاج متقلب وقلق وكثير حاجات احنا بنعاني منها وما بنعرف السبب.
وحسب كلامها أن معظم الأبحاث الأوربية اللي اطلعت عليها أثناء كتابة الكتاب كانت بتفيد أن أمراض الشيزوفرينيا بتزيد في المدن أكثر من الريف، طبعًا مع الأخذ في الاعتبار نسبة السكان في المكانين، كمان الناس اللي بيعيشوا في المدينة بعيد عن الأماكن الطبيعية معرضين أكثر للجلطات، وأمراض القلب، والقلق، والإدمان، والشعور بالوحدة، والشعور بالغباء وعدم القدرة على السيطرة على الأمور.
هل الحياة بجانب الطبيعة تخلي الصحة تمام؟
لما اتسألت فلورينس هذا السؤال، استعانت فورًا بدراسة عملوها في تورنتو ” كندا “، والدراسة كانت على شارعين، شارع فيه شجر وحدائق مفتوحة، ومناظر طبيعية. وشارع ثاني ما فيه سوى المنازل الفخمة، وعلى الرغم من كون مستوى الناس المادي في الأماكن اللي كان فيها أشجار أقل من الثانيين اللي كانت بيوتهم فخمة و كبيرة لكن الفحوصات الطبية أشارت أن صحة اللي كانوا موجودين في المكان الطبيعي تساوي أو أفضل من الثانيين، وبالتالي كان الأمر دليل على رغم قلة الموارد المادية لكن الأشجار تعمل على تحسين الصحة بما يوازي إمكانيات أشخاص آخرين اللي يدفعون الكثير من المال حتى تكون صحتهم في نفس المستوى، وما كانت هذه هي الدراسة الوحيدة اللي حكت عنها، كمان كان في دراسة في اسكوتلندا، أثبتوا فيها جميع العوامل المتغيرة زي المستوى المعيشي والاجتماعي والدراسي، وكان العامل المتغير في الدراسة هو مدى قرب الناس من الأشجار والغابات، والنتيجة كانت أن كل ما كان الناس أقرب في السكن من الطبيعة كل ما كان معدل أعمارهم وصحتهم أفضل بكثير من سكان الحضر والمدينة.
تأثير الطبيعة على أداء المخ
في حوار صوتي سألت مذيعة فلورينس كاتبة الكتاب، عن إذا كانت الطبيعة بتأثر بصورة إيجابية على المخ، والإبداع وياترى هل في أبحاث عن الموضوع، ولا هذا الأمر مجرد امر شائع غير مُثبت، وكان رد فلورينس أن بالفعل في دراسات حصلت على الموضوع، وكان في هذي الدراسات يرسلوا الناس للتنزه في أماكن طبيعية لمدة 90 دقيقة، ويقيسوا ويحللوا إشارات المخ، والمواد الكيميائية، واللي اتوصلوا له، أن بالفعل الطبيعة بتأثر بطريقة إيجابية على المخ، وبتعطل المنطقة اللي بتحفز التفكير السلبي في المخ، وعشان يتأكدوا من الموضوع أرسلوا نفس الأشخاص للمدينة للتنزه لنفس المدة، لكن ما كان فيه أي تغير بالنسبة لنسبة القلق، الأمر كان ثابت، ومن هذا المنطلق كانت الطبيعة بتأثر إيجابيًا على حالة هؤلاء الناس، خصوصًا مع الناس الي كانوا بيتفاعلوا مع الطبيعة بكل حواسهم.
ياترى تأثير الطبيعة على الرجال أكثر ولا النساء؟
انسألت فلورنس في كتاب “العلاج بالطبيعة” أن تأثير الطبيعة على النساء بيكون أكثر من الرجال، فهل هذا الأمر حقيقي أم لا؟ وأجابت فلورانس أن الأمر حقيقي بالفعل، والسبب لأن النساء عادة بيعانوا من الاكتئاب أكثر من الرجال، لأنهن أكثر تقلبًا للمشاعر من الرجال، وكانت فلورانس بتستند على دراسة قالت أن من كل 4 نساء في أمريكا في الأربعينات والخمسينات واحدة بتعاني من الاكتئاب وهذه النسبة عالية جدًا بالمقارنة مع الرجال، وعشان هيك الطبيعة بتجعل النساء أكثر اهتمام بأنفسهن، خصوصًا لو كانوا بيقضوا الوقت في الرياضة، هذا الأمر بيخليهم أكثر ثقة في أنفسهم، كمان حسب نفس الدراسة قالت إن النساء اللي كانوا بيعيشوا بجانب أماكن طبيعية وخضراء عادة بيكونوا مستقرين نفسيًا ومو بيعانو من القلق والتوتر الاكتئاب بنفس معدل اللي بيعيشوا في المدن، كما النساء عندهم قدرة في التخلص من الكورتيزول أسرع من الرجال.
علاقة المُبدعين بالجلوس في الطبيعة
لما سألوها كمان عن ليه في صورة متكررة عن أن المبدعين بيعشقوا الجلوس في مناطق خضراء وحدهم في حالة من الصمت؟ وما هي علاقة هذا الموضوع بالوحي أو الإبداع اللي عم يتجلى في عقول المبدعين ويظهر في صورة فن؟ وكان ردها كالعادة علمي ومبني على دراسة جدًا جميلة، فيها جابوا عدد من الأشخاص وسألوهم أسئلة “أكمل” – إجابتها تتطلب وضع كلمة من عند الشخص نفسه – وسمعوا الإجابات، وسجلوا سرعة الرد ومعالجة المخ للإجابات، وبعدين أعطوا نفس الأشخاص خمسة أيام هم أحرار فيها أنهم يقضوا الوقت اللي حابينه في الطبيعة، ولما رجعوا سألوهم نفس الأسئلة وكانت النتيجة زيادة مُعدل الإبداع في الإجابات، بمعنى أن في البداية كانت الألفاظ سطحية و عادية، أما بعد المهلة اللي أخذوها في الطبيعة كانت الألفاظ أدق، وأسرع، وفيها ملائمة أكثر للجُمل، كمان عملوا دراسة ثانية وكانوا فيها بيقيسوا تأثير الطبيعة على سرعة استجابة العقل، وكان الاختبار عبارة عن إعطاء الأشخاص سلسلة أرقام ويطلبوا منهم أنهم ينطقوها بصورة عكسية، بعدها أعطوهم 30 دقيقة في مكان طبيعي وعادوا يسألونهم مرة ثانية عن نطق نفس الأرقام بصورة عكسية، وبالفعل كانت النتيجة سرعة أكبر، وتحكم أكثر في عضلات اللسان أثناء نطق الأرقام بصورة عكسية.
ايش هو الحد الأقصى للمدة اللي يحتاجها الإنسان في مكان طبيعي؟
هذا السؤال مهم جدًا وهي جاوبت عليه بكل عقلانية، لأنها قالت أن الموضوع نسبي لكن بحدود، مثلًا فلورينس نفسها ولدت وقضت طفولتها في مكان مليء بالأماكن الطبيعية، ولذلك هي تحتاج إلى وقت أطول ليظهر عليها تأثير الطبيعة، أما بالنسبة للأشخاص المحرومين من الطبيعة فهم بيحتاجوا وقت أقل بكثير لتظهر عليهم الآثار الإيجابية للطبيعة، ولكن في حالة كنتم تريدون أرقام، فبالنسبة لحالات النقاهة في الطبيعة الأمر يستلزم كحد أقصى ثلاث أيام، أما لو كان لديك إمكانية يومية في أن تقضي وقت في الطبيعة، فالمعدل اليومي من 30 لأربعين دقيقة فقط.
أخيرًا أصدقائي أحب أرشحلكم جدًا الكتاب، لأنه فعلًا مفيد، وكمان أحب أشد عليكم في أهمية التواجد في أماكن طبيعية، فيها أشجار ونباتات، وتأخذ وقتك، وتخلي حواسك كلها تتماشي مع الطبيعة، لأن هذا الشيء حيفيدك جدًا على المدى الطويل حتى من دون ما تدري.
إضغط هنا الإستماع لهذا المقال عن طريق الهايلات في انستغرام ،،